ماما ..عيد الميلاد حرام !
هكذا باغتتني ابنتي (هتون) ذات الأربع سنوات بهذا السؤال المفاجئ ,ترددتُ قليلاً ثم أجبتها :بلا ..
ثم عادت لتقول وكأنها تريد التأكيد على إجابتي :ابنة خالتي –ثمان سنوات-أخبرتني بذلك ..! فقلت لها بأن كلامها ليس صحيح في محاولة لتبديد الفكرة من دماغها الصغير ,فأكثر ما يزعجني هو تفكير أبنائي حول آراء فقهية لا تستوعبها عقولهم ...
لم أعرف بصراحة ماذا أقول لها ,و كيف سأشرح لها الموضوع وهي في ذلك العمر الصغير جداً...
تركتها وذهبت إلى أعمالي ومازال الموضوع يعتمل في ذهني ..وبغضّ النظر عن الحكم أو الرأي الفقهي للاحتفال بعيد الميلاد بين حرمته وجوازه أو حتى مصدره ..أقول أن الطفل قد يفرح بعيد الميلاد ذلك أنه لا يدري أن صفحةً من عمره قد طُويت ,وأنه خسر من حياته ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً لا يمكن أن تعود لأنها طارت مع الريح ولن يبقى منها سوى ما تركناه محفوراً في ذاكرتنا ,وما بذلناه فيها من جهد نحو تطوير ذواتنا ومجتمعاتنا ..
نحن دائماً نركّز في الاحتفال بأعياد الميلاد لنا أو لأطفالنا على المظاهر مثلاً :المأكولات والمشروبات وكعكة العيد ,الهدايا ,الزينة وما إلى ذلك ..نحرص على عدد الشموع التي ستُشعل تلك الليلة ثم نرقص على أنغام الموسيقى متناسيين معنىً مهم من المعاني التي أغفلناها في حياتنا ,فلا نتذكر عدد ماحصدناه في ذلك العام ..
لماذا لا يكون عيد الميلاد فرصة لحصر انجازاتنا طوال السنة ووضع خطط جديدة للعام المقبل أو مواصلة ما بدأناه في هذه السنة ..
نستطيع أن نعوّد أبناءنا على الاحتفاء بإنجازاتهم ليشعروا بقيمتهم الذاتية وأهمية وجودهم في الحياة وتأثيرهم عليها وأنهم عناصر فاعلة بها ونحتفل بإنجازاتهم الكبيرة والصغيرة التي قاموا بها حتى يبذلوا المزيد والمزيد بهمة عالية وسعادةٍ وفرح ..
لنحتفِل بمهارة جديدة أتقنها طفلنا ,شهادة تحصّل عليها ,لوحةً رسمها ,كلمةً كتبها ,كتاباً قرأه ,قبلةً طبعها على جبينك أو بسمةً رسمها على شفاه أحدهم ..نستطيع أن نسجّل ذلك على لوحة تُعلّق بشكل جذاب على الحائط بجوار البالونات وشرائط الزينة والأضواء اللمّاعة ...
ومع اطفاء الشمعة على (التورتة) نوقد أخرى في قلوبهم كلها أمل جديد لعامٍ أفضل و منجزاتٍ أكثر ..
17-9-1430هـ
علا باوزير
يتبع